بسم الله الرحمن الرحيم
لوحة " الموناليزا " للفنان " ليوناردو دافانتشي " من أكثر اللوحات التي أثارت جدلاً على مر تاريخ الفن ... ومع هذا الجدل كانت الكثير من الروايات حول هذه اللوحة تتخذ طابع المبالغة وفي أحيان كثيرة طابع الغموض . ولا شك بأن هذه اللوحة تكتنز الكثير من الألغاز والأسرار , غير أن القصة الحقيقية لولادتها - ليست كما يزعم – لا تزال مجهولة . فماذا تقول القصة الحقيقية ؟
هذه اللوحة تم رسمها بمقاس كبير على لوح خشبي من شجر الحور ( من فصيلة الصفصاف , الذي يتواجد كثيراً في بلدان شمال وشرق البحر الأبيض المتوسط ) . وهي تعتبر من أشهر أعمال الفنان " دافانتشي " ولكن ليس من أكثرها أهمية .
في البداية كانت اللوحة أكبر مما هي عليه حالياً , فقد كان يحيط بالشخصية المرسومة عمودين من الجهة اليمنى ومن الجهة اليسرى وقد تم إقتطاعهما من اللوحة لأسباب غير معروفة حتى الآن . ومن أجل هذا ليس من السهل التحقق من أن " موناليزا " كانت تجلس على " تراس " المنزل , عند رسمها . كذلك تنبغي الأشارة الى أن الكثير من التفاصيل في هذه اللوحة قد إختفت بسبب التلفيات التي أصابها بها الزمن , وأن جزءاً من شخصية " موناليزا قد أعيد رسمه تماماً . غير أن الخصائص الأساسية لهذه اللوحة الشهيرة لا تزال موجودة, وهي تتجلى في تلك الخلفية الضبابية ( وهذا التكنيك يسمى بالأيطالية " Fumato " ويعرفه الفنانون الذين درسوا الفن ) . أما الشخصية " موناليزا " فهي مرسومة بطريقة رائعة وطبيعية وعلى الأخص ضحكتها التي يطلق عليها النقاد " الضحكة المنومة " ( بكسر الواو من التنويم المغناطيسي ) .
الحكاية تقول أن " فرانسيسكو دي بارتولوميو دي زانوبي ديل جيوكوندو " وهو واحد من عائلات النبلاء في " فلورنسا " كان قد طلب من الفنان " دافانتشي " لوحة شخصية ( Portrait ) لزوجته الثالثة " ليزا دي أنطونيو ماريا دي نولدو جيرارديني " .
" دافانتشي " بدأ العمل على هذه اللوحة عام 1503 , حيث كانت " مونا ليزا " في سن الرابعة والعشرين .وإستمر العمل على هذه اللوحة طيلة أربع سنوات . وعندما غادر " دافانتشي " مدينة " فلورنسا " عام 1507 , لم يبع اللوحة لطالبها ولكنه إحتفظ بها لنفسه . البعض يفكر أن الفنان لم يسلم اللوحة لأنها لم تكن منتهية , والبعض الآخر يعتقد أن الفنان أحب هذه اللوحة كثيراً وفضل الأحتفاظ بها .في عام 1516 , عندما وصل " دافانتشي " الى فرنسا كانت هذه اللوحة من بين حقائبه التي حملها معه . وفي فرنسا باعها الى الملك " فرنسيس الأول " الذي إشتراها لقصره في منطقة " أمبواز " . ثم إنتقلت اللوحة الة منطقة " فونتينبلو " ثم الى " باريس " ومن بعدها إستقرت في قصر " فرساي " بين مجموعة الملك " لويس الرابع عشر " . بعد الثورة الفرنسية , وجدت اللوحة طريقها الى متحف " اللوفر " . غير أن " نابليون بونابارت " إستعادها وطلب تعليقها في غرفة نومه . وعندما حوكم " نابليون " تم إعادة اللوحة الى " اللوفر " في باريس . في 21 أغسطس 1911 سرق رجل إيطالي اللوحة من متحف " اللوفر " وأعادها الى إيطاليا . حيث بقيت هناك مخفية قرابة السنتين , حيث ظهرت فيما بعد في " فلورنسا " . وبعد أنتقالها بين عدة معارض , أعيدت الى باريس . في عام 1956 جرت محاولة إتلاف اللوحة بواسطة الأسيد من قبل شخص وصف بالهوس , وقد أتلف الأسيد النصف الأسفل من اللوحة , غير أنها عادت الى طبيعتها بعد عمليات ترميم إستغرقت بضع سنوات . بين عامي 1960-1970 " موناليزا " عرضت في " نيويورك " و " طوكيو " و " موسكو " . اليوم لوحة " الموناليزا " موجودة في متحف " اللوفر " خلف حاجز زجاجي مضاد للكسر والرصاص , وقد أتخذ قراراً بمنعها من السفر لأسباب عديدة في مقدمتها الخوف من التلف أو الفقدان لأي ظرف كان ...