قرار النائب المصري العام بمنع الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك وافراد اسرته من السفر الى الخارج والتحفظ على اموالهم وممتلكاتهم بناء على بلاغات عديدة اتهمته بالكسب غير المشروع، هذا القرار يتسم بالشجاعة، ويؤكد على ان عجلة التغيير بدأت تدور في مصر.
ومن المؤكد ان مثل هذا القرار الذي طال رأس النظام السابق واسرته ما كان يصدر لولا موافقة المجلس العسكري المصري، واصراره على التحقيق المعمق في الممارسات الفاسدة لجميع المسؤولين، سواء كانوا كبارا او صغارا.
الانباء متضاربة حول ثروة الرئيس مبارك واسرته، فهناك من يقدرها باربعين مليار دولار، وهناك من يقول انها فاقت السبعين مليارا، واكثر الارقام تواضعا هو ما ذكرته صحيفة 'النيويورك تايمز' الامريكية وقالت انها في حدود ثلاثة مليارات دولار.
وكشفت وثائق رسمية جرى تقديمها الى النائب العام وجود عشرة حسابات للسيد علاء مبارك في البنك الاهلي المصري، وشقيقه جمال ستة حسابات تضم مئات الملايين من الدولارات.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو كيفية جمع مثل هذه المليارات، وما اذا كانت من خلال استغلال نفوذ رئيس الجمهورية، أم ان ذلك تم من خلال اعمال حرة قانونية، وهذا الامر متروك للنائب العام وللجنة التحقيق المشكلة بأمر منه.
الامر المؤكد ان الثلاثين عاما الماضية من حكم الرئيس مبارك كانت الاكثر فسادا في تاريخ مصر، القديم منه والحديث، فقد كانت البلاد ميدان نهب لأسرة الرئيس ومافيا رجال الأعمال المحيطة بها، فجميع الصفقات التجارية كانت تتوزع بين اعضاء هذه المافيا، ومعظم الاراضي المصرية جرى اهداؤها لهؤلاء لاقامة مشاريع اسكان عليها درت عليهم مليارات الدولارات.
ولهذا لم يكن غريباً ان يصدر المدعي العام قرارات بمنع سفر مجموعة من رجال الاعمال وكبار المسؤولين في الدولة والتحفظ على ممتلكاتهم، مثل احمد عز ملك الحديد والرجل القوي في الحزب الحاكم والمتهم بتزوير انتخابات مجلس الشعب الاخيرة، ورشيد محمد رشيد وزير التجارة، وياسين منصور، ومجدي راسخ صهر الرئيس، واحمد المغربي وزير الاسكان، وزهير جرانة وزير السياحة، وانس الفقي وزير الاعلام، واسامة الشيخ رئيس الاذاعة والتلفزيون، والحبيب العادلي وزير الداخلية السابق المتهم بغسيل اموال واستغلال النفوذ.
مصر تشهد حالياً 'عملية تنظيف' لكل ادران عهد الرئيس مبارك على الصعد كافة، ولعل المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد في المرحلة الانتقالية الحالية يريد ان يرسل رسالة واضحة الى الشباب الثائر بانه سيتعاطى مع جميع ملفات الفساد والفاسدين دون اي استثناء، بمن في ذلك رئيس الجمهورية وأسرته.
لا شك ان موقف المجلس العسكري هذا يستحق التنويه والتقدير في الوقت نفسه، لانه يكشف عن نوايا صادقة بالتجاوب مع مطالب الثورة الشبابية، ولكن ما هو مطلوب ايضاً، التجاوب مع المطلب الذي لا يقل أهمية، وهو اقالة حكومة احمد شفيق الحالية التي تمثل النظام السابق، واستبدالها بحكومة وحدة وطنية تحظى بثقة الشعب المصري وتنهي آخر قلاع ذلك النظام الفاسد.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]